التاريخ المفتت ملخص (من الحوليات الى التاريخ الجديد فرنسوا دوس)

                موقع مسار للإنجازات العظيمة 


-ماوراء تاريخ الغولاغ

"التاريخ يصنع المؤرخ بقدر مايصنع المؤرخ التاريخ"ج.ميشليه

خطاب اجتماعي -ليبرالي

ارتبط كثير من مؤرخي التاريخ الجديد في الخمسينات  بمصير الحزب الشيوعي الفرنسي ايام الحرب الباردة، فهناك الاخيار في الجانب الشيوعي والاشرار على يمينه أو  يساره .ومن خلال المعلومات المسربة حتى المؤتمر العشرين للحزب الشيوعي والتدخلات القمعية المتعددة للجيش الاحمر انتاب شعور بخيبة الامل الذين كانوا ينظرون الى الاتحاد السوفياتي كمثل اعلى.وقد اجتاز مجموعة من مؤرخي الحزب الشيوعي الفرنسي مباراة التبريز عام1952 ،منهم كلود مليان وبيار دايون وغيرهم وعند الاعلان عن النتائج علقا كل من فرانسوا فوريه وجان شينو في ساحة السربون بالقول"تركنا بعض المقاعد للبرجوازيين"،وكانت علاقة استاذ الثورة الفرنسية البير سسوبول سيئة مع الجناح المتعصب في الحزب الشيوعي الفرنسي .ومن بين مؤرخي الحزب نجد الان بوزنسون وجاك اوزوف و كان الكثير منهم قد وضعوا قدراتهم في خدمة مدرسة الحوليات وليس الحزب .تبقى فترة انخراط فرانسوا فوريه في الحزب عام 1947 متميزة بالنضال وتاسيس خطاب تاريخي من ما ترتب من حقد على ممارسته الستالينية،وقد اكد على اهمية تلك الفترة ودورها في نشاطهم كمؤرخين في مدرسة الدراسات العليا،لقد استفاد من التجربة واصبح يشعر انه قريب من الفكر الليبرالي المتنور ،وقال بانه ليس هناك صراع في القرن العشرين دون شبهة،ود اعتنق مؤخرا الارونية.

اصبح رفيقه في النضال ايمانويل لوروا لادوري معشوق جمهور المؤرخين الذي يعتمد خطاب مدرسة الحوليات،وكان ايمانويل يحلم ان يصبح راهب نتيجة تربيته الدينية،لكنه انظم الى الحزب الشيوعي الفرنسي حيث اصبح شيوعيا بعد ان كان مناصرا للملكية،وكان ايمانويل يبتلع كل الممارسات الستالينية بفعل التأثير الايديولوجي .وقد ساهم في الحزب الشيوعي لدرجة انه كان يبين كيف يشي الولد بوالده اذا تعرض الحزب للخطر،وكذلك طلب من رفيقه الانفصال عن زوجته لاتهامها بالهرطقة،لاعتقاده بوجود الجنة حسب قوله. يعتبر ايمانويل لادوري نفسه مدين للحزب بزواجه وانشائه عائلة،وكذلك لعلاقاته وصدقاته التي يعود الفضل فيها للحزب السيوعي.وقد كان واعيا بعزلة وضعف مواقفه اللبرالية في قرن التعصب بين اليمن الوطني واليسار الماركسي،وانظم عام 1978 الى منظمة جديدة يراسها اوجين ايونسكو وهي لجنة المثقفين من اجل الحوريات التي تعارض الثورة الشاملة وتقدم الماركسية كانها محشر لكتائب الموت،فهي العدو الاول الذي يجب القضاء عليه.فحسب كارل بوبر فالثورات لا يمكن التحكم فيها لانها تخرج عن السيطرة وتتناول المجتمع وتصبح ذات طابع كلياني.

ان الخمسينات كانت حاسمة في تحديد جيل لا يعترف اليوم بحماسه المطلق بالامس.يكفي ان تقرا لرفيق اخر وهو الان بوزنسون الذي كان محبا للسوفيات لفهم اسباب ودوافع الموقف الجديد.فهذا الاخير كان شديد التاثر بالفكر الشيوعي واليوم يرى ان النظام السوفياتي على نقيض ماهي الحضارة وان نصف الاتحاد بربري.

التاريخ يتلعثم

ان ضاهرة الانتماء الزاهد مقدمة لفترة تطهيرية قد تكررت بالنسبة لجزء من جيل مايو 1968 ،خاصة الماويين وبعد خيبة املهم في قائدهم خلقو فلسفة جديدة مبنية حول "الملاك تلزاهد" التي اعتبر ان الثورة مستحيلة وذات طبيعة شمولية.

ان غي لاردور وكريستيان جامبيه وبرناررد ليفي يطاردون في مسار تراجعي قوراض مؤدية في الفلسفة والتي تحمل اسم ماركس وهيغل وروسواو افلاطون .ان انحراف البعض يؤدي الى انحراف الاخرين في اتجاه يترك المرارة والخيبات التي تخيم على البحوث وعلى فكر المؤرخيين.لم يعد الوقت صالحا للالتزام السياسي فمشروع مجلة نقاش   عكس مجلة الازمنة الحديثة ،ان نظر هؤلا المؤرخين متاثر بالمعتقلات و بما بعد بوزنام وبودابست والمؤتمر العشرين وغيرها  فحين انهم يزعمون الموضوعية والعلمية بعيد عن الالتزام  من اجل العلوم التاريخية فقط.فعلا فالشمولية الستالينية تتطلب  الشرح ولكن هناك خوف على الماضي.ان الاختيارات التي تقع داخل افترات تحدده في كتير من الاحيان المواقف السياسية لكل مدرسة تاريخية.و قد دفع التطلع الديمقراطي لبيار فيدال الى اختيار بلاد الاغريق القديمة كحقل تخصص. وكان كلود نيكوله مدفوعا اكثر نحو دراسة روما القديمة لانه يستعد لانظمام الى الحزب الرديكالي،وفي القرن العشرين اهتم غيزو وتييري واوتيه بتلثورة الفرنسية لتبرير ثورة عام1830 والليبرالية والدور المجدد والرسالة العالمية للبورجوازية الفرنسية فتوقفوا عند 1790.في حين ان ميشله أو لويس بلان من مناصري الجمهورية الاجتماعية،اعطوا قيمة في تاريخهما للثورة الفرنسية للهام 1792. فكل جيل من المؤرخين قام باختيار.

ذهب جيل الحوليات الشاب وريث خيبة امل اساتذته،بعيدا لخدمة النظام القائم.هاجم ايمانويل طود وهو تلميذ ايمانويل لادوري  مرحلة المراهقة واي شكل من اشكال الالتزام ،والخمول العقائدي للحزب الاشتراكي.وبالنسبة الى لوران تيس من نفس الجيل،التاريخ هو قيمة كماجا في هذا العالم الذي لا يوجد فيه لا قانون واا عقيدة.وما يهمه هو العودة الى الايام الجميلة ،العودة الى التقاليد والقواعد التي تتحكم في كل شئ.ان هذا الحنين الى الماضي هو من الخثائص التي توحد عددا من البحوث التاريخية الحالية.انه باسم الاضي واعطاؤ قيمة للازمنة الاسلاف استطاع الشيوعيون القدامى الملحقون ان يلتقوا مع مؤرخين محافظين في نفس  الممارسة التاريخية ومنتسبين الى نفس المدرسة ونفس المنهجية.

وجد ناحون من الستالينية في منعطف الطريق،فبيار شنوونو المؤخ الاوفر انتاجا يحذر إنسانيتنا المسيحية،ان القلعة المسيحية كانت في الماضي حصينة ولكن اخطر يتهددها.ان الصليبية بيننا،الحذر من تحويل الغرب الى صحاء للغزاة من العلم الثالث .

فبيار شونو يامل ان يقينا من الكوارث الكبرى قبل عام 2000، هو رب اسرة ولديه ستة اطفال يحث على الولادات لتطوير السكان البيض،ويرفض الاحهاض الذي يعتبره من الجرائم.ان بقاء الجنس في خطر يقول اننا سنتسبب في الحروب الاهلية يصناعة رجال في العالم الثالث وارسالهم للعمل في ىاروبا ،إن هذا جنون.تمتاز مواقف بيار شونو بالشفافية.يريد ان يبين تفوق حضارة المسيحية التقليدية ،حضارة العلم الملان ،تحث غطاء نظرة المؤرخ ذو المستوى العلمي الرفيع. كان للمسيحين البض الفضل في جعل الزهد اجتماعيا والتحكم في الغرائز الجنسية،و جعوا من التعفف في المستوى ثمنها المجهود الارادي المحمود،وقد ترتب عن ذلك خاصيتان اتنان في الفثرة الحديثة :تاخر سن الزواج وتثبيت العائلة الامومة الضيقة.سمحت مماسة التعفف في الذكاء وشجعت روح العداء والتطور الدماغيواحدتث توترات ابداعية فالعنف والابداع متصلان.

اذا استطاع الغرب بفضل قمع غرائزه ان يقود الشعوب التي فرضت بسم الرب والانجيل والرسالة الكونية الوحيدة.فبيار شونو يمثل البابا في الحوليات.

ان المختص في تاريخ الذهنياتى،فليب ارياس.ينحدر من عائلة ملكية وهو مناضل في حركة العمل الفرنسي منذ الثانوي،وكان شجلعا بعدم اخفياء ميوله المحافظة لميشار وينوك باعتباره رجل يميني رجعي لكنه مع التواصل .وجد ارياس نفسة في الحوليات كالسمكة في الماء. لانه كان لفترة طويلة منسيا،رغم مدحه للخطاب الحولياتي الذي كتبة عام 1954.مند عام 1946 يروي لماذا لم يقتنع بالتاريخ السياسي الضيق والخرافي. فالخلق التاريخي هو ظاهرة ذات طبيعة دينية،فالتاريخ يبنى بالالفة الاجتماعية في اطار مزدوج،علمي وروحاني.اكتشف تاريخ حولياتي متحرر من الدولة والذي يتقصى الحياة اليومية الحسية ،فاصبح يستطيع الاندماج بالتوفيق بين وفائه العائلي والسياسي واهتماماته العلمية.وجدت عبارة حنين الى الماضي دلالة ضمنية ايجابية.يتوافق التمجيد الحالي للماضي وللجماعة التقليدية للتاضمن القديم،وممارسته للتاريخ كاثنولوجيا الماضي.نفهم عند قراءة لاودري وفوريه وغيرهما،كيف التقت في النهاية هذه التواريخ ذات المسالك المختلفة تحت راية واحدة. يعطي لاودري نماذج من الماضي لاعادة انتاجها.يتمنى ان تكون الانسانية في القرن الواحد والعشرينجمعاء مثلما كانا منطقة الافيرون الشاملة في عام 1925.

هذان التيارن الايديولوجيان،الواحد يتكون من مرتدين عن الستالينية والاخر محافظ يحن الى الماضي،قد وجدا مكونا اخر يشمل مسيحي اليسار مثل جاك جوليار وبيا نورا وفيدال ناكيه او ميشال فينوك.كان هذا التيار حساسا لموضيع الادارة الذاتية الخطاب المعارض للدولة والدفاع عن المجتمع والتجربة الاجتماعية.هذه المجموعة التي تمثلها الحوليات سمحتبعملية توافقية حقيقية بين مختلف الايديولوجيات لتجد مبدا مشتركا في الخطاب الحولياتي،فنتج فقدان الجدلية بين الماضي والحاضر والمستقبل التي تعد ركيزة الخطاب التاريخي،وقد تبن جاك جوليار هذا التخلي وذلك بالتحرر من الطوباوية عام 1968 ومن العقيدة عام1981 ،اي من الماضي ويمكننا ان نحاول الحياة في الحاضر.وعلى جاك جوليار ان يقوم بتطهير ثوريي الأمس بالهجوم مؤخرا على واحد من رموز الثورة الفرنسية.جان جاك رسو كمصدر لبقايا القديم وانحرافات الثورة ثم افكار اليسار في القرنين التاسع عشر والعشرين.فهو يعيب الاستعمال الفعلي لاعمال روسو لانه هناك تشويش في الاذهان. فورسو ليس ثوري فهو محافظ  يبني مجتمعا  مؤسسا على العقد الاجتماعي فالدكثور رسو غير كفؤ تما.يستطيع المؤرخ ان يبحث في الماضي ويهيئ احسن من روسو من الاسلاف.تتغير وظيفة التاريخ،فمن علم التغيرات والتحولات يصبح اختصاصا في ركود تلشعوب الثابتة،يعترف فوريه برجعية مثل هذا التاريخ فهوتاريخالازمنة الطويلة والانسان العادي ،له توجه محافظ والمقارنة بين عناصر هي نفسها عبر فترة زمنية ،من المؤكد ان نعثر على افتراض وبالتاكيد على حالات ركود.فهذا النوع من التاريخ هو ترياق مضاد لتاريخ القرن التاسع عشر المانشستري-الماركسي.بعد صدى الافق الثوري لم يبق الا ان نحافظ على تاريخ ثابن.يوشك التاريخ ان يفقد هويته رغم كثرة البحوث الحالية. وهو يميل الى تحلل الحقل التاريخي في مختلف العلوم الاجتماعية الاخري.يحل الشك محل بناء المستقبل انطلاقا من ماضي التغير الانساني.و من هنا انحصر رواية الحدث

 وانهار وضعه لانه لم يعد يندرج ضمن  اشكالية معقولة لما قبل زما بعد في سلم الزمن.

ان مجتمعاتنا التي تكونت انطلاقا من وعي تاريخي تستيقظ كتلة جامدة ومادة باردة مثل المجتمعات البدائية التي دراها سترواس.حلل دوبريه هذه الظاهرة على انها ثار الطبيعة في القرن العشرين من تلارادية التاريخية السائدة في القرن التاسع عشر.فالطبيعة حاجز يجب تجاوزه.فاليز تبدو كمثل اعلى منظماو كجنة يجب استرجاعها.تضيع عند ذلك افعال الناس وحركاتهم في عالم بلامعنى.لم تعد هناك انقطاعات شاملة من مجتمع الى اخر وذلك مايسمح بالمقابلة بين وقائع في فترات مختلفة في مظاهرها المتكررة.هذا ه المنال الذي اعتمده لاودري لتحليل ازمة المجتمع الغربي،فالفترة ما بين 1720و1973 تبدو اجمالا فترة نمو ونعرفاليوم ازمة نقص في المواد من نوع ازمات الفترة من القرن الرابع عشر الى القرن الثامن عشر.

نها ازمة من نفس النوع تتميز بالنقص وقلة العرض ولكن ليس نقص الحبوب وانما نقص النفط.تاثرت الديموغافيا وعرف انتاج النفط انخفاض في القرن العشرين كما هو الشان في القرن السابع عشر،هنا عودة الى النظام القديم حسب تكهنات نادي روما،ولم يعد التاريخ يتلعثم بل يتكرر ،يجب تكرار رد الفعل ،يجب الصبر والتقشف لمجابهة النذرة لحماية التواصل وتهيئة المستقبل بالبحث عن البدائل لتعويض الصعوبات الاقتصادية بالابداع الثقافي.هكذا تجاوز الغرب ازمات القرنيين الخامس عشر و السابع عشر،لذك لا مفر من تكرار وصفات الماضي.ويتبع هذا التخلي عن العلاقة جدلية بين الحاضر والماضي والمستقبل،مافتئت العقيدة الماركسية تتعرض للهجوم باعتبارها نظرية قمعية ومصدرا لكل المآسي.يبدو تايخ الغولاء (المعتقل في منفى سيبيريا) في الفكر الماركسي كما لو ان التاريخ ينحصر في انتاج الأفكار.فالممارسة ليست سوى مرآة ومجرد نمو خارج النظرية مما يجعل المحاكم منعقدة الى مالا نهاية .ويتحمل يسوع انشاء محاكم التفتيش وعلى روسو مسؤولية الارهاب الثوري ونتشيه مسؤولية فظاعات هتلر وسوريل مسؤملية الفاشية الايطالية وماركس مسؤولية الرعب الستاليني.

يمكن الاستغراب امام حصر التاريخ في انواع الخطاب،من رؤية جانب هام من المؤرخين يردد نفس أغنية المفقودين التي يردده الفلاسفة الجدد.ان تنوع مدرسة الحوليات وعجم تناسقها لا تسمح بتعميمات مبالغ فيها.هنام من يضحد الماركسية وهناك من يعتبر ابحاثهم امتدادا لها.

كتب ايمانويل تود ليخرج الماركسية من الأفق الفكري كتابه المجنون والبروليتاري وحاول اعادة تفسير غير ماركسية للتاريخ الاىوبي اي كتاريخ مضاد ،فقد اعتبر الماركسية مظهر من مظاهر المرص النفسي للمجتمع ونو من الكليانية الحديثة ترتكز على ارضيةافلاطونية او بروتستانتية.وهناك علاقات ذات دلالة في ما يتعق بالمرض الماركسي حيث يلاحظ تزيد الانتحار والادمان والالتباس الذهني خاصة في البرجوازية الصغيرة في المجتمعات التي تنتشر فيها الماركسية،التي تنتمي  الى مجال علم النفس العلاجي.

بالنسبة الى فرنسوا فوريه لايمكن لماركس ان يهب الى من ارثه اليوم فالصدمة قوية.يصطبغ موقف ايمانويل لاودري من الماكسية بسخرية لاذعة.فهو لا يرى مانعا من ان يتمتع بعض المؤرخين الماركسين المنتمين الى الحوليات ،مثل غي بوا او ميشال فوفيل بقدر صغير من الماركسية،ولا يجب الخلط بين المخدرات القوية والمخدرات الخفيفة.وحده التصعيد هو الذي يؤدي الى الغولاغ.وبالنسبة إلى بيار نةرا عاشت الماركسية مثل الفكرة الثورية ،ومالها الانطفاء.

هذا الزيغ الايديولوجي لم يشمل كل مؤرخي مدرسة الحوليات،فقد وضع عددد كبير منهم بحوثهم في تواصل مع المادية التاريخية. كتشفجوبي الماركسية عندما درس الفلسفةعام1947،وقارن اعمله بها،واثرت فيه قراءة التوسر وباليبار ،فماركسية دوبي لها قيمة استكشلفية،وليست منطلق للالتزام السياسي،فتاثير الماركسية كان عميقا في تطوره،وان الماركسية كان لها مكانة لدى المؤرخين من جيله.

غي بوا مؤرخ مختص بالعصر الوسيط يواصل النهج الماركسي في مقاربة شاملة للتاريخ.اما لوغوف المتمركس ،رغم اعترافه بماركس كرائد من رواد التاريخ الا انه لا يمنحه الاولوية،فعند حديثه عن الماركسية الرسمية، ي حيل استخدمها من قبل الستالينية،وحتى حدود الخمسينات اثرت المارركسية في علم التاريخ بواسطة التاريخ الاقتصادي.وعدد من مؤرخي تلحوليات المختصين في العصر الحديث هم في دائرة الماركسية،مثل فوفي ل ومانرو المختصين في تاريخ الذهنيات او بيار فيلار الذي يبحث  عن تحسين النظام ا لمفاهيمي للماركسية من خلا دراسة منطقة كاتالونيا.

وتعتبر المارسية اداة تحليل اساسية لعدد هام من الباحثين في التاريخ الإغريقي القديم،مثل ايفون غالارن بيا ومونيك ليفاك او جان -بيار .

يبدو من خلا هذه المقاربات المتضاربة لوظيفة التاريخ ان مدرسة الحوليات تجمع مؤرخين لهم مواقف ايديولوجية مختلفة.ومايلاحظ في الفترة الاخيرة ان الخطاب المحافظ الذي يحن الى الماضي قد تغلب على الخطاب الطي صمد امام موجة اليأس العميقة ليحافظ على ارساء تاريخ مرتبط بتكوين صيرورة جماعية.

نفي السياسي

ضهر السياسي مع ميلاد  المدينة.برز الشعور بالانتماء الى مجموعة تتجاوز القبيلة على فضاء مغتوح،وهو الساحة العام.وهي قطيعة اساسية في التاريخ الانساني الموصوف بالانفتاح والتساؤل على هويته وعلاقة الواقع بالحقيقة.ومن السياسي ولد التاريخ والحاجة الى الشهود و ترك اثر للاجيال القادمة.

كان الحدث مع هيردوت ميلادا للتاريخ كن خلال الحروب الميدية.فتانسنت الزمنيةواصبحت مدركة لذاتها انطلاقا من الوعي اليوماني في مواجهة البرابرة.يشير هيردوت الى وعيجديد لوضعية الانسان في العالم وهو يواجه القانون الاغريقي في القرن الخامس قبل الميلاد باللكية المطلقة.والمواطنة بالعبودية والحضارة بالبربرية.انه علم ثنائي مدر الهوية والمقاومةفي نفس الوقت.هو تمجيد العدل وتمجيد الشعب من خلا النموذج الحضاري الاثينب في القرن الخامس.ولد التاريخ من السياسة فاسس للسياسة ضمن تضامن ومصير جماعي.نفس الشئ لتوسيديد فمن خلال الحروب البيلوبونيز يعطي معنى للصيرورة الانسانية من خلال النموذج الاثيني كنظام معارض للنظام الاسبارطي.فهذا التفسير الذي يقدمه تفسيرا جوهره سياسي.فهو صراع بين الديمقراطية وسلطة التراتبية.

بين فرنسوا شاتليه ان ازمة المدينة -الدولة ستؤدي الى ازمة الخطاب التاريخي،فلم تعد الاحداث متناسقة فالصراع بين اثينا واسبرطة متشعب فتشتتت السياسة وحل نقيض التاريخ محل التاريخواصبح الانقاد السياسي مستحيل فتخلى السفسطائيون عن فكرة التطور.وهم يشيرون الى العودة الى الزمن الماضي الطيب ويرفضون اي معنى للصيرورة،تواصل تفكك اليونان في القرن الرابع واصبح الخطاب التاريخيامام اشكاليات فردية عند كزينوف فقدت الزمنية معناها التاريخي ولم يع السرد التاريخي يطمح للوصول الى درجة معينة من المعقولية.اصبح التاريخ ظرفيا وشأنا فرديا..تحلل التاريخ الى تواريخ فردية في صيغة الجمع.

هذا الانعطاف نحو بلاد اليونان ليس بريئا فهو يحملنا الى علاقة التاريخ الجديد منذ 1929 بالسياسي ومنها الى تحديد وظيفة التاريخ.وهذا التطور في القديميلاحظ ايظا بين القرن التاسع عشر والقرن العشرين.ان فقدان السياسي مرتبط بفقدان الوعي بالتاريخية،ولم يعد للصيرورة اي معنى،فهل مدرسة الحوليات قررت ان لا تتدخل في السياسة؟اختار ميشيل فوكو ان تكون السلطة هدفا له.ان مزية هذه المقاربة هي اكتشاف الفوضوي والتراتبية والنظام وراؤ ما ليس عضويا.ولكن السلطة عند فوكو تحجب بعدها السياسي بتحليله و تشتيته،فالسلطة لا تقسم حسب كيانات متجاورة بين من يملكونهاروبين الآخرين،ولا يمكن أن تستحوذ عليها طبقة وهي سلطة غير متجانسة.فهي تنتقل بين الفرادفي شكل متواصل قبل ان تتجمع في كل واحد.فوجود العقدة في السلطة سبب لمقاومتة السلطة. فهي دائمة الحضور لانها فينا نحن.فكل شئ هو السلطة فليس هناك مجال لمقاومتها.فميشل فوكو يدعونا الى عدم الهلط بين السلطة والدولة في واقع واحد ولكن الاشكالية توجد في تغييب الدولة.

ان رفض السياسي من قبل حوليات اليوم هو في تواصل تام مع جيل المجلة الاول.هناك شبه بين ذهنية الثلاثينات والموقف العنيف من السلطة والتكنوقراطية والتخطيطية ومناخ الثمانينات الذي تقدم فيه الدولة على انها مفهوم خارج عن المجتمع المدني.الا أن هناك توافق في الأفكار داخل نواة الحوليات.ان الحظور المكثف لهذه المدرسة داخل (Nouvel observateur) إلى حدود عام1981،هو تعبير عن توافق ايديولوجي.إلا أن هدا التيار يعطي للشعب حق الوجود من خلال الثقافة الشعبية ومن خلا الإعتراف بقيمه بشرط الا تصبح مهيمنة.هكذا يرى الشعب ان وضعه معترف به لكن في وضع المسيطر عليه.هذا الخطاب الأيديولوجي الاحتماعي التحرري هو الذي يجمع حوله كل نواة السلطة داخل الحوليات.

ادى رفض التحليل السياسي بالحوليات بأن تتجنب الظواهر التاريخية الاساسية في عصرها واليوم.ان موسوعة التاريخ الجديد الصادرة عام 1979 لاتتضمن مدخلا خاصا بالسياسي.

حققت الحوليات ابعاد السياسي عن المركز.يضع فوريه نفسه خارج التاريخ السياسي،ويجب على التاريخ ان يستفيذ من العلوم الاجتماعية ويتخلى عن السياسة.ويركد على نسبية دور الدولة وأدواتها الأيديولوجية في المجال الثقافي عندما بين ازدهار محو الامية جون مؤسسة تعليمية في فرنسا.

اضطر فليب ارياس للخضوع لتاريخ مفرغ كليا من السياسةوهي بحوث حملته للتتويج داخل الحوليات.فهو يكره العمل السياسي مما جعلهيندمج في تاريخ يقلص مكانة الدولة والاديولوجيات.

وعندما درس ايف-ماري برسيه انتفاضات الفلاحيين الى حدود القرن التاسع عشر، اقتصر على تركيبة ذات خصائص اثنوغرافية تترجم تطور مسار احداث العنف الماعي، وقد تجردت من اطارها السياسي وهكذا يمكنه ان يقدم الثايت.

تغيب الدولة في حركة معارفنا وكذلك الشركات المتعددة الجنسيات  الي تسعى إلى التقليل من شأن الكيانات الوطنية.كما بين انديه بورغيار في مستوى الذهنيات،فإن أقدم فكرة متجددة هي فكرة السعادة تتجه نحو التخصيص وانعدام التسييس.في الماضي كان الاعتماد على الدولة لتوفير السعادة،عول فلاسفة الانوار من فولتير الى ديدرو على بعض الطغاة المتنوريين.واليوم اصبح البحث عن السعادة والرفه يتم خارج الدولة. وهوما لاحزه ايمانويل لاودري :"يجب ان يكون البحث التاريخي منفصلا عن السياسة".

جمع جاك جوليار مختلف الحجج لمقاضاة التاريخ السياسي وهو امر طبيعي ان تبقى مجلة جدية  كالحوليات بعيدة عن السياسة:التاريخ السياسي هو تاريخ نفسي لا يعرف الثاتيرات الخارجية،فهو تاريخ نخبوي وبيوغرافي ولا يعرف المقارنة،وهو سردي ولا يعرف التحليل، ومثالي ولا يعرف المادي ،وايديولوجيجوليس له وعي بالذات،وجزئي ولا يعرف ذلك جيدا،وهو يرتبط بما هو واع ولا يعرف ما هو غير واع،حيني ولا يعرف الامد الطويل،انه تاريخ وقائعي.

ان البعد السياسي لم يتم تهميشه  ولا تحويله عن مكانه من قبل الجميع،فالبعض يأخذه كواقع اساسي بالنسبة الى المجتمع المدروس.

يعتبر جزرج دوبي أن المجتمع الفيودالي يتميز اولا بتفكك السلطة الملكية ،حيث ادى عجز الكارولنجين في مواجهة الهجمات الخارجية الى تفتت السلطة وادحار النفوذ المركزي الملكي..لكن هلى العموم يبقى السياسي افقا ميتا في الخطاب الحولياتي،وتركه ناتجا عن عن التخلى عن جدلية الحاضر والمستقبل.ويندرج

وجود السياسي في الثزرة والتغيير.يصادق جاك لوغوف على هذا الرفض للسياسي ويرده الى تصور نخبوي للتاريخ لان السياسة في رأيه تزخرف  أسلوب متجاوز في ممارسة السلطة من طرف الارستقراطية.زبهذا ينحصر السياسي في سطحية التاريخ.لكنه يدعو الى مقاربة سياسية من منظور انثروبولوجي حول مفهوم السلطةة،الا أن هذا المشروع يترك جانبا كل رهانات  الطبقات حول سلطة الدولة لتاريخ ثقافي صرف مبني على نماذج انثروبولوجية ثابتة.

وضاعف سياق الحداثة بين ما سيحصل والحاضر عند الفرنسيين الذين ليس لهم انتماءحسب جيرار منديل.انها مرحلة الانكماش الفردي الذي يدفعه السياسي الى الهوامش وتقل رهاناته.ينتعش الخطاب التاريخي خارج حقل السياسي وخاصة في مجتمع مبني على تاكل الهويات الإجتماعية.لم يعد هناك مشروع تارخي يحرك الناس انها مرحلة فراغ كما رآها جيل ليبوفيتسكي حيث يقول«ان مجتمع مابعد الحداثة هو مجتمع تسوده لامبالاة السواد الأعظم من الناس ويهيمن فيه التكرار والمرواحة».اذا كانت هذه مرحلة نقية فانها تترجم بتفتت الجسم الاجتماعي بعدم الالتزام السياسي وتؤدي اللامبالاة كتعبير عن العجز.ويفقد فيها السياسي سبب وجوده كما يقول علماء السياسة.

5-تاريخ جامد

مقاربة بنيوية

كان الدرس الافتتاحي لايمانويل لادوري بكوليح دوفرانس 1973 يحمل عنونا معبرا عن تاريخ تابت.فمن وراء هذا التعبير ارادة لمصالحة المتناقضات وجمع مكاسب الانثروبولوجية و الاثنولوجية المتأثرة بالمقاربة البنيوية.

سنجد اذا في أعمال التاريخ الجديد ملاءمة للحقل التاريخي يقوم بهما عاملان استخدمهم ستراوس في "مجتمعاته الباردة".وجرى تفضيل الزمن الذي لا يتحرك لاكتشاف البنى اللاواعيةبالنسبة الى كل مؤسسة.وجرى إستخدام قواعد مركبة كوسيلة لفهم الواقع ،مما يسمح للنظام القائم بتحكم ذاتي من خلا استيعاب كل ماهو جديد او متناقض باعتماد عمليات منطقية و داخلية،فلم يعد التغيير والقطيعة من الامور التي لها معنى،واصبحث الحركة التاريخية كأنها تكرارية وتواصل يسود فيه التابت.لم تعدالاختلافات داخل النظام  سوى اختلافات في المكان.وتحل التناقضات من خلا الصيرورة التاريخية بتعويض كلمة باخرى.وهكذا يتجدد المجتمع بلا انقطاع جوهري  بواسطة حركة تعديلات تتكرر في اطار نظام متناسق .لايمكن ان يقع تغيير في النظام.فصدمة خارجية فقط يمكن ان تهز أركانه بما أنه لا تخترقه تنقضات داخلية.ليس الصراع بين البنيوي و والتاريخي بامر جديد.كان اوغست كونت يفرق بين التابت الاجتماعي والمتغير ويعطي الأولوية للأول.وكما لاحظ هنري لوفيفر ان البنيوية هي أيديولوجية التوازن والامر الواقع.فكيف يمكن استغلال هذا الارث من طرف لامؤرخ الذي يجابه دراسة الحركة والصيرورة والتغيير؟ فلا يمكنه ذلك إلا عندما ينشد التوازن النهائي مقياس،بحثه.يقدم التاريخ الجديد نفسه وكانه آلة عسكرية ضد الفكر الجدلي،فهو يعطي المكانة الاولى للمستقبل. ولا يمكن ان يكون الفكر التاريخي الا فكر القطيعة والعمل للانفصال نحو التجاوز ونحو تلمستقبل.ولا يذوب الجديد في القديم ولكنه يظهر في كجديد في فكر يدرك تخول الواقع الى واقع آخر.

فلم تفعل الانثروبولوجية سوى تعميق هذا التوجه والتقليل من القطيعة التي وقعت في الحقل التاريخي.تشكل قاعدة التواصل القديمة والتنظيمات التابتة قاعدة بحوث التاريخ الجديد.ان نموذج لاودري هو نموذ ستراوس مطبق على المجتمع الغربي.لايمكن ان يحدث تجد إلا في قمة المجتمع.إن النخبة قادرة على قلب القيم التراتبية الإجتماعية سواء على المستوى الثقافي أو على مستوى الدولة،وتغييب الصراعات التي تهذف الى فرض الهيمنة لمصلحة الكيان الاجتماعي الجديد.،فلم يعد لزمن البنى نفس الايقاع الذي للتاريخ على مستوى الإنسان فهو زمن بالغ الطول.ويفرض قيمة للخصائص الكرارية لأنشطة الإنسان .اصبح التاريخ بنيويا تخلى العلم الإجتماعي عن الاحداث والقائع».عندها سيفرض حدودا جديد ستفرض البنية الإجتماعية نفسها وتعيد إنتاج ذاتها.توجد الأرضية الأيديولوجية لهذه المقاربة في التشاؤم الذي يجعل من الواقع بعيد التناول.يغوص المؤرخ في أعماق التاريخية تاركا على السطح ظواهر يتخبط فيها الافراد.يتغير الحدث ويتم دفعه الى الهوامش ويمكن الا يهتم به.

بنت المدرسة التاريخية الكنية الأمريكية اشكالا من التاريخ الخيالي مستعملة الحاسوب،فحذفت العديد من الاحداث الكبري مثل حرب الإستقلال لتصل للقول ان نمو الاقتصاد كان سيبقى على نفس الحال بدونخا،فيذوب الحدث في الأمد الطويل.الكتابة التاريخية المعاصرة مجبرة على أن تقتل من اجل أن تحيا.فيكون التاريخ اسطوريا.ان كل محاولة ثورية يمكن اعتبارها محاولة كليانية،يضع ايمانويل تود في نفس المستوى كل من فرنسا في عامي1793و1848 وروسيا عام 1917 والمنيا الهتلرية عام1933 .ففي كل مرة يتبين وراء الذين يصنعون القطيعة ملامح بورجوازية تعاني الحرمان الجنسي والاجتماعي وتوجد تحت ضغوط الالتزام الكلياني،فلا تكون الطبقات التي حللها لويس شوفالييه ي أعماله وانما البرجوازية الصغيرة المريضة المتأثرة بالادمان والانتحار هو ما دفعها للالتزام الايديولوجي الذي لا يعد الا نتاجا للتوجهات الفصامية .

يؤدي التقدم حسب ايمانويل تود إلى التراجع واختلال التوازن بالنسبة للجسم الإجتماعي.هكدا يكون تقدم رفع الأمية والقراءة والمستوى الثقافي للسكان الأوربيين حاملا للوثات عقلية حادة.التقدم والتاريخ هو العدو الى بعض المؤرخين.يحمل فصل من كتاب إيمانويل تود عنوان«رفض تاريخ فرنسا»تكون الدائرة قد أقفلت.وعندما يمتهى الأمر يعود من جديد..ان التحركات الانسانية العبتية لا تستطيع شيئا فالعالم لا يتحرك والطبيعى تابتة والانسان بلا معنى.وبعكس التخةف من تطور الخطاب التاريخي يجب ان نقرأ المؤرخ فيليب ارياس،الذي وإن عبر عن موقفه المحافظ،فهو يلاحظ «ان هذه الوضعية تنطوي على مخاطرة:فقدان الاحساس بالزمن».

الثورة الفرنسية انتهت

تميل نظرة المؤرخ المعاصر الى محو مراحل تسارع العملية التاريخية،التي يتفكك فيها نظام لينشأ نظام جديد.بما أن التاريخ أصبح بنية تابتة فعليه ان يتخلص من انقطاعات أساسية.وجرى التعامل مع الحقبات الثورية على انها تمثل محاولة لإعادة الملكية.هذه المحاولات تعتبر رجعية حيث تنشط ضد عناصر جديدة.بعيد عن كل محاولة للتغير ،يوجه المؤرخ اهتمامه نحو الذي يصمد أمام الارادة التغييرية،والجوامد.وبهذا يقوم بعملية الغاء للانقطاعات المؤسسة للأنظمة الجديدة،فيمحى انعدام التواصل،ويصبع التاريخ متماثلا وتكراريا مهما كانت الفترة ومهما كان المجال المدروس.

وهو الامر نفسه بالنسبة إلى مختلف المراحل التاريخية،ولكنا سنقتصر على الحدث المؤسس،وهو موضوع جدل بامتياز في الكتابة التاريخية ،ألا وهو الثورة الفرنسية كبرهان على هذه القراءة الجديدة النافية للانقطاعات.في عشية المئوية الثانية لعام1789 أعلن فرانسو فوريه عن موت الثورة الفرنسية وان الثورة  قد انتهت.فالثورة الفرنسية كانت تزعج تاريخا هادئا.بالنسبة  لفوريه ليست الثورة سوى أسطورة.

كانتثورة التنوير السلمية في القرن الثامن عشر ،تحقق تناسق بين النبلاء المتنورين والبرجوازية المثقفين،تحدث تغييرا بلا مصادمات.تتقوى الرأسمالية بدون صراع طبقي وبدون تدخل الجماهير.لم تكون حاجة الى الثورة من اجل خير فرنسا بفعل دور الشعب في الحروب الامبراطورية القاريةالتي ادارت ظهرها للتقدم الاقتصادي.دون ان يكون خطاب التاريخ الجديد،خطابا جديدا حول الثورة الفرنسية،فهويعيد الفكر الليبرالي المعادي لليعاقبة،ينسب الليبراليون للحظات الأولى من العمل الثوري لكنهم للحفاظ على طهارتها تم ابعاد اي  إمكانية تجاوز ثوري. وهذا يعني اعادة التفكير في السياسي للتمكن من اعتبار أن الاحداث الثورية مستبعدة.الفكر اللبرالي الفرنسي هو فكر مضاد للثورة.،فالبنيبة الى مدام دو شاتيل حدثت قطيعة مع الكتلة الثوريةفهناك مرحلتان مختلفتان في تاريخ الثورة:المرحلة المتجهة الى انجلتر وهي الثورة الليبرالية 178 التي رحب بعا باعتبارها حاملة للتقدم والحريات،والمرحلة الشعبية المتميزة بسلطة اليعاقبة،تنظر الى الشعب بتعالي «ان سر النظام الاجتماعي يكنن في خضوع العدد الكبير».

استعاد غيزو هذه القطيعة بين عام1789 ومرحلة الإرهاب مواجها الجانب الحسن للثورة بالجانب السئ ليحدد موقع نظام ملكية تموز/يوليو.

إن كل تاريخه عن الحضارة الأوربية ليس إلا لوحة كبيرة تصف مختلف النخب الحاكمة.ينر الى الثورة كأنها نتاج لتطور قديم أدى إلى مجتمع قانوني وعادل.عام 1875 وضع تاين بين قوسين المرحلة الثورية التي عطلت النخب الطبيعية والطبقات العليا عن تسيير الشأن السياسي.يعد تدخل الشعب اذا كصعود من الاعماق يقف الشعب فيه كحيوان منوحش.

لذا لا يعتبر فوريه ودنيس ريشه مجددين ،فهما يستعيدان اطروحة كلاسيكية وهي اطروحة الخير والشر في الثورة الفرنسية.يقدم فوريه نفسه كمؤرخ متحرر من تأثيرات خطابات ابطال تورة يعتبرها أسطورة.اذا التحليل المشترك لدنيس ريشه وفرانسوا فوريه هو تحليل إيديولوجي مطلق.

تم اولا وضع الحدث في صيغته لعام 1965 في اطار الأمد الطويل الذي يظهره بسيطا وضد تيارات التوجهات العامة التي كانت  في مرحلة  1750-1850 .في مرحلة صعود الليبرالية يبدو عصر الإرهاب كأنه فضاعة يجب وضعه بين قوسين لادراك احسن لمعنى التاريخ.لذا سيقوم فرانسوا فوريه ودنيس ريشيه بتقسيم القطعة الثورية الى فصلين:الزمن الايجابي للوحدة والزمن السلبي للصراع.،ووصف عام 1790 بعنوان «السنة السعيدة»،تتجسد الرغبة الاصلاجية في المجلس.انها الثورة الوحيدة المقبولة.اما تورثي الارياف والمدن فهما ليسا سوى أحداث تجاوزها الزمن.،وننسى أنه في هذه المرحلة مازالت الثورة بعيدة عن تحقيق مبادئها.فالمساواة لم تتحقق،ولكن الوضع تدهور ،والحرب ليست بعيدة ،والتوازن سوف ينفجر حيث يعبر مؤلفانا عن خيبتهما. ويعان العنوان التالىانحراف الثورة».حادثة افشلت التطور الليبرالي.عندئد حاوول فوريه وريشيه التسبت بالرجال والأحزاب الذين يعارضون التطرف الثوري.حول عام 1789 قاما بمدح ملكيين،وفي عام1791 ظهرت ورقة الرهبان الذين فعلوا ما بوسعهم للحفاظ على الهدوء. ينسب فشل الرهبان الى الملك وحده وهو تفسير مفاجئ من مؤرخين ياملان باعطاء قيمة للظواهر العميقة في التاريخ.مع القضاء على الرهبان انحرفت الثورة التي سلكت اتجاها ممنوعا.على أبواب الفشل عام1793اصبحت صورة الجيونديين محبوبة  وتعد هزيمتهم في 2 يونيو هزيمة للثورة .عندها سيوجه الجبليون مصير الثورة نحو التطرف في أهدافها،معتمدين على الحركة الشعبية من اجل المساواة داخل الجسم الاجتماعي،يحمل هذا الفصل عند مؤلفينا «زمن الشدة».و قد أعاد الامتسرون نكاذج أعمال الحركات التي وقعت في المدن في القرنيين16و17،وبالتالي ليست حركتهم سوى عودة للقديم المتخلف.اما الضغط السعبي فهو تعبير عن التناقض الطبقي،وبذلك تكون الثورة قد حادت عن السكة بفعل المصلحين المتنورين.نتيجة لتدخل العامة..نازعين عنها الخطاب الكوني الذي جرى تبنيه في أروبا بأسرها في القرن 19 للوقوف ضد الملكية.رأى فوريه وريشيه في الثورة اتجاه معاكس للتاريخ.يؤكد احد تلاميذ فوريه غي شوسينان نوغاريه ان التوافق كان ممكنا عام 1789  وأن الثورة لم تكن سوى غلطة.نتخيل طبقة النبلاء في القرن 18 خاملة وطفيلية،على الهامش .امام طبقة نبلاء نشيطة تقف في قلب التقدم.حاول الباحث اقحام النبلاء في تراثنا الوطني.كانت طبقة النبلاء ضحية عنصرية.على الصعيد الاقتصادي يقدم لنا شوسينان نوغاريه طبقة نبلاء ادخلت مفاهيم الرأسمالية،تميل للتجديد.اما على المستوى الثقافي الذي يوليه أهمية كبرى،تصبح الأنوار موحدة لا تنقسم  حكرا للنخبة.يعد ذلك اغفالا لما هو أهم للامتيازات التي كانت محور أزمة النظام القديم.في الواقع صطدامت محاولات النصهاربين النبلاء والبرجوازية النظام القديم بتشبت النبلاء بامتيازاتهم الطبقية.مما اضطر البرجوازية الى الاستناد إلى الشعب.على عكس الوضعية الإنجليزية في القرن 17 او اروبا في القرن 19 ،حفزت الارستقراطية الفرنسية بمزقفها المحافظ ،كما بين جزج لوفيفر،القيام بأول فعل ثوري.وهو ما نسميه بالثورة الارستقراطية ضد الملكية. فمفهوم الحرية يحجب الحقوق الفيودالية والامتيازات..عندمانغادر البلاط تبرز طبقة النبلاء الايلة للانهيار المستعدة للتمرد وانزلاقها نحوثورة.طبقة النبلاء قوة خامدة منطوية داخل عالم له قوانينه الخاصة،وتمثل الأغلبية.وجدت في بولانفيلييه الخطاب الرجعي لشرعيتها واذي سيسمح لها بأن تفرض نفسها في وجه الملكية وعامة الشعب.كبحت ردة فعل النبلاء نخبة العامة من الوصول الى قمة الدولة والكنيسة والجيش.يريد غي ان يقنعنا انه كان بامكان فرنسا أن توفر ثورة حسب النموذج الإنجليزي.زمثل فوريه وريشيه يعضع اما مجتمع يعيش ثورة نظرة أحادية لهرم تدبره نخبة منذ الأزل وإلى الأبد.فيكون آنذاك الواقع متجدر في ماض خالا من صراع الطبقات ويتخلق من المساواة النابعى من اعماق المجتمع.و عام1789 سوى سوء تفاهم بين فئتين من نخبة واحدة.

وبعد ان صور فورييه الثورة كانزلاق واعتبر عام 1978 ان الثورة شمولية.وبين الاطوحتين ظهر الحديث عن ارخبيل الغولاغ مع سولجنتسين بالنسبة لفوريه. وهويهاجم فكرة الثورة باسم ما اصبح عليه الاتحاد السوفياتي .إن إعادة القراءة لمناضل قديم في الحزب الشيوعي الفرنسي مصاب بالخيبة مثل فوريه قد تمت على قاعدة انبعاتين لمفكران مناهظان للثورة هما دوتكفلل و كوشان وتحزلت مرحلة بين قوسين الى انحراف.منذ عام 1978 .

لكن بالنسبة لفوريه الشر يكمن في الثورية. والحقيقي أن الإرهاب جزء من الايديولوجيا الثورية.ولم يعد روبيسبيار  بطل وإنما تجسيد  لمنطق شمولي تكرر مع ستالين.تعتمد مقاربة فورييه على مؤلفات توكفيل.كتب توكغيل بعد سقوط الجمهورية الثانية خابامله بدوام دولة قوية في فرنسا فاصبح يفكر في الفصل بين الحرية و المساواة  وخاصة أن بونابرت كان محل إجماع.وركز التفكير حزل الثورة.الذي ادى الى نشر كتاب« النظام القديم والثورة» يحدد مزقع الحدث الثوري،تبدأ مع النظام القديم وتتواصل عام 1798 لتتسارع في القرن العشرين  ممثلة في مركزية السلطة.لم تتدخل الثورة الا كظاهرة عرضية. كل شئ كان يعتلج قبل عام 1789 لم تفعل الثورة سوى انها استعادت الإرث في فترة انتقالية،وتفقد الثورة مظهرها المجدد.حاول توكفيل إقتلاع فكرة الثورة من القرن 19 الفرنسي.إن إنجازات الثورة هي إنجازات إيجابية ولكن يمكن ان تحدث دون مصادمات وبدون حماس عاطفي،وهنا نجد الطموح الليبرالي  نعم للاصلاح الذي يحفظ مصالح المتميزين أما الثورة فلا.لم يجد توكفيل لقاحا فعالا ضد الفيروس ولكن فوريه وجد ذلك في شخص اوغستان كوشان المتعصب الكاتوليكي،فقد كتب هذا الأخير في القرن 20 أطروحة اولار الجمهوري،فهو متشبت بالحضارة الكاتوليكية في العصر الوسيط،فاوغستان كوشان ابعد ما يكون عن الثورة،فهو يرفض النظام التأميمي واليعاقبة هي الشبح الذي رفعه وجعل منها تحمل ايديولوجيا شمولية بإسم اردة الشعب.يرى فوريه هذا المفهوم- الشعب-المهد المولد للشموولية.اعاد  غاكسوت1929 إعتماد أطروحة الإرهاب الفكري منددا بالدكتاتورية الشيوعية كانها نهاية منطقية لليعاقبة.اعتمد فوريه كل شئ باستعادة إرث أكثر محافظة وهو تطور منطقي بما أنه يريد إقتلاع فكرة الثورة«فتح عام 1789 فترة انحراف التاريخ».

اطا كانت الثورةة الفرنسية انتهت واذا كان تبخر معها التاريخ السياسي،فقد بدأت المئوية الثانية ولا يرريد فوري أن يكون خارج الإطار فضاعف بحوثه حول تاريخ الثورة ليبرهن عن أطروحتة حول الانحراف وعن العلاقة بين الثورة والاستبداد فاعتمد على مفكر اخر هو ادغار كينيه الذي يحلل فشل الثورة الفرنسية على ضوء فشل الجمهورية الثانية ونشر عام1865 كتاب تاريخ الثورة ،تضل 1789 بالنسبة الادغار كينيه قطيعة تقدمية والتووازن الدي نشأ عنها يضل مؤقتا ومهدد بالعودة الى طغيان النظام القديم.استنتج فوريه درسا فلسفيا اعلن عن خصائصه الازمنية أي العلاقة بين الثورة والاستبداد.فهذا المشروع الالغائي الذي رفضه ماكس غالو قد سمح لقراءة جديدة تضع نفسها في موضع الخطاب السائد.وعلى رأس هذه القراءة يوجد بيار شونو .تم رسم اساتذة الفكر القدامى ليظهروا بمظهر الحداثيين ولكنهم خرجو لتوهم من مدارس التعليم الديني المناهض للثورة.كتب ادمون بورك ضد الثورة منذ 1790 .جوزف دو ماست يرفض كذلك سنة 1789 .والوجه الثالث هو القس بارويل فبالنسبة اليه حدثت مؤامرة .وتكون الثورة إذا وحشا له ثلاث مكونات :المؤامرة ونفي الواقع والجوهر الشمولي.قدمت لنا الثورة كانها جزء صغير يشكل خطرا سرطانيا في تاريخنا وككل سرطان فهو يحتاج الى علاج هكذا فتح بيا شونو الطريق للمؤلفات التي تهاجم الثورة.وقد تناول فريدريك بلوش مدابح سبتمر عام 1792 في ما تناول رينالد سيشيه حادثة لافانديه.ونجد عبر هذه المؤلفات نفس الشراسة التي ظهرت في مناسبة مرور مئة وخمسين عام على الثورة عام 1939 .

انه وهم سياسة تأثيرية ووهم تحرير وهم الاحتفال الثوري،اختارت مونا اوزوف موقع الاحتفال لانتهاك المحظورات ،والقواعد الاجتماعية السائدة،  وللتعبير العفوي لتبرهن ان الإحتفال الثوري بين عامي 1789و1799 هو تعبير عن نظام وليس تعبير عن سعادة.

من المؤكد أن النار الثورية ااتزال حية حتى تحدث مثل تلك التوجهات التي وضعت على عاتقها مهمة اطفائها الى الأبد من الأفق التاريخي.وكما كان يقول جورج كليمنصو عام 1891 «ان هذه الثورة الرائعة والتي بها وجدنا،لم تنته أبدا».

فالثورة الفرنسية ذلك الرمز العالمي العالمي للتحرر ،مازالت بقوة معناها هدفا وخط اختلاف أساسي بين أولئك الذين يريدون دفنها للدفاع عن امتيازاتهم وأولئك الذين يتمنون أن يبنو عالما أكثر عدالة .لا، من المؤكد ان الثورة الفرنسية لم تنته.